لماذا يراهن ترامب على عملات رقمية أقل شهرة

لماذا يراهن ترامب على عملات رقمية أقل شهرة

3h

شهدت سوق "الكريبتو" دعماً قوياً بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتجاه نحو إنشاء احتياطي استراتيجي من الأصول الرقمية، لتقفز عملة البيتكوين بنسبة وصلت إلى 10%، في اتجاه معاسك لتراجع استمر شهرًا، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي عبر منصته "تروث سوشال" يوم الأحد (على الرغم من تراجعها في اليوم التالي بعد الإعلان عن خطة ترامب للرسوم الجمركية على كندا والمكسيك).

لكن ما أثار المكاسب الأكبر -خلال تعاملات الأحد- كان ذكر ترامب لعملات أقل شهرة مثل "XRP" و"سولانا" و"كاردانو" ضمن قائمة الأصول المحتملة في الاحتياطي المزمع، حيث ارتفعت عملة "أدا"  المرتبطة بسلسلة "كاردانو" بنسبة 71%.

وبحسب ترامب، فإن الاحتياطي سيضمن أن تصبح الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في العالم". وتتمركز كل من "سولانا لابز" و"ريبل لابز"، المطورتان لرموز "سولانا" و"XRP"، في الولايات المتحدة، بينما يقود "كاردانو" الأميركي تشارلز هوسكينسون المقيم في كولورادو.

وفي هذا السياق، أجاب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز عن الأسئلة الرئيسية المرتبطة بالاحتياطي الاستراتيجي من الأصول الرقمية، وسر اختيار ترامب لهذه العملات تحديداً.

ما هي هذه العملات الرقمية؟

من بين العملات الثلاث الأقل شهرة، تُعد XRP الأقدم، حيث أُنشِئت في العام 2012 من قبل شركة Ripple Labs لتسهيل المدفوعات عبر الحدود بين الشركات والمؤسسات المالية، وتتميز بسرعة تنفيذ المعاملات مقارنة بعملة البيتكوين. وتُعد ثالث أكبر عملة رقمية من حيث القيمة السوقية الاسمية، بعد البيتكوين والإيثريوم، بقيمة تبلغ 151 مليار دولار.

 

ومع ذلك، تخوض شركة Ripple نزاعاً قانونياً مستمراً مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية منذ الفترة الرئاسية الأولى لترامب، بشأن الوضع القانوني لعملتها الرقمية.

أما سولانا  (Solana)، فقد روّجت لنفسها كبديل عن البيتكوين، إذ تستهلك طاقة أقل وتستطيع معالجة عدد أكبر بكثير من المعاملات في الثانية الواحدة. وتُعد سلسلة بلوكتشين سولانا المنصة الأكثر شهرة لإطلاق عملات الميم، بما في ذلك تلك التي أطلقها ترامب وزوجته ميلانيا في يناير/ كانون الثاني. وتبلغ القيمة الاسمية لرمز سولانا 80 مليار دولار، ما يجعلها ثامن أكبر عملة مشفرة في العالم.

أما أدا (Ada)، التي سُمّيت تيمناً بعالمة الرياضيات البريطانية في القرن التاسع عشر آدا لوفلايس، فهي الرمز الرقمي الذي يُمثل كاردانو (Cardano)، وتبلغ قيمتها الاسمية 33  مليار دولار، ما يضعها في المرتبة التاسعة بين أكبر العملات المشفرة.

وقد تم تطويرها في العام 2015 على يد تشارلز هوسكينسون، أحد المؤسسين المشاركين لشبكة إيثريوم، والذي غادر المشروع بعد خلاف مع بقية المؤسسين. كما أعرب هوسكينسون عن مخاوفه بشأن منصة الأصول الرقمية World Liberty Financial، التي يروج لها ترامب وأبناؤه.

هل لدى فريق ترامب روابط مع تلك العملات؟

وفق التقرير، فإن العديد من أقرب مستشاري ترامب والأشخاص الذين اختارهم لشغل مناصب رئيسية في السياسات والتنظيمات لهم صلات بصناعة العملات المشفرة.

وصرح المسؤول عن الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض، ديفيد ساكس، يوم الأحد بأنه باع جميع ممتلكاته من العملات المشفرة - بما في ذلك بيتكوين وإيثريوم وسولانا-  قبل حفل التنصيب في يناير/ كانون الثاني.

ومع ذلك، طوّر بعض مطوري عملات XRP وسولانا وكاردانو - بالإضافة إلى عدد من كبار حامليها- علاقات مع فريق ترامب خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه استعدادًا لتوليه منصبه.

تبرعت شركة Ripple لصندوق تنصيب ترامب في يناير، متعهدة بمبلغ 5 ملايين دولار عبر عملة XRP، كما حضر براد جارلينجهاوس، الرئيس التنفيذي لـ Ripple، حفل القسم في واشنطن.

 

كذلك كانت Ripple وجارلينجهاوس من بين أكبر المساهمين في لجنة العمل السياسي الكبرى Fairshake، التي أنفقت 135 مليون دولار خلال الحملة الانتخابية العام الماضي لدعم مرشحين مؤيدين للعملات المشفرة. وكتب جارلينجهاوس عبر منصة  X (تويتر سابقًا) أنه "يُقدر رؤية رئيس العملات المشفرة بإنشاء احتياطي حكومي للأصول الرقمية يمثل الصناعة".

من جانبه، دعا تشارلز هوسكينسون، مؤسس كاردانو، إلى وضع تنظيمات واضحة لصناعة العملات المشفرة في الولايات المتحدة، وناقش سياسات مستقبلية محتملة مع أعضاء مجلس الشيوخ. كما ألمح في يناير إلى أنه التقى ترامب في مار إيه لاغو، قائلًا: "إنه يوم جيد... يجب أن تتحلى بالصلابة الحقيقية إذا أردت البقاء في هذه الصناعة".

هل كان إعلان ترامب متوقعًا؟

وقع ترامب أمراً تنفيذياً في يناير لاستكشاف إنشاء "مخزون وطني من الأصول الرقمية"، يعتمد على العملات المشفرة التي تمت مصادرتها من قبل السلطات القانونية.

لكن المنشور الذي شاركه على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد تجاوز التوقعات، إذ تحدث عن احتياطي استراتيجي للعملات المشفرة. وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي تحدث سابقًا بعبارات غامضة عن بناء احتياطي، فإن معظم العاملين في الصناعة افترضوا أنه سيعتمد بشكل أساسي على البيتكوين.

وقال محللون في Sygnum Bank، في تقرير نُشر قبل إعلان ترامب، إن ذلك يعود إلى أن معايير التأهل كـ "مخزن للقيمة" مرتفعة للغاية ومحصورة تاريخيًا في المعادن الثمينة، مؤكدين أن "الأصول الكبرى الأخرى مثل إيثريوم وسولانا وXRP لا تستوفي حالياً هذا المعيار".

وأشار المحللون إلى أن القيمة السوقية لكل من سولانا وXRP وكاردانو تعتمد بشكل كبير على المضاربات الاستثمارية، بدلاً من كونها منصات حقيقية لبناء التمويل اللامركزي.

وبحسب المدير العام للأصول الرقمية في S&P Global Ratings، أندرو أونيل فإن البيتكوين يمكن أن يدعي أنه وسيلة تحوط ضد تدهور العملات على المدى الطويل، بينما لا تقدم العملات الأخرى هذا الامتياز.

وأضاف: "على العكس، يركز كل من إيثريوم وسولانا على تبني المنصات التقنية، في حين تظل كاردانو وXRP أكثر عرضة للمضاربة بسبب ضعف معدلات التبني".

لماذا الآن؟

ومن المقرر أن يستضيف البيت الأبيض في نهاية هذا الأسبوع أول قمة للعملات المشفرة لمناقشة السياسات المستقبلية، بقيادة ديفيد ساكس، وبحضور كبار المديرين التنفيذيين في الصناعة، والمستثمرين، وأعضاء مجموعة العمل الرئاسية المعنية بالأصول الرقمية. لذلك، قد يشكل إعلان ترامب دفعة قوية وفي التوقيت المناسب لهذا القطاع، وفق التقرير.

وقال جيف كندريك، المحلل في بنك ستاندرد تشارترد: "كان شهر فبراير هو الأسوأ بالنسبة للبيتكوين منذ يونيو/ حزيران 2022، وهو أمر لا يبدو جيدًا بالنسبة للإدارة الجديدة المؤيدة للعملات المشفرة، مضيفاً: "لكن بعد إعلان ترامب، كان هذا أفضل عطلة نهاية أسبوع منذ يناير 2021. التوقيت يعني أن التوقعات ليوم الجمعة المقبل ستكون شيئًا ملموساً".