
تداعيات إغلاق إيران مضيق هرمز ردا على الضربات الأمريكية
برزت احتمالات كبيرة حول إقدام طهران على تعطيل مضيق هرمز ردا على استهداف منشآتها النووية. فهل تملك إيران فعلا القدرة على إغلاق هذا الشريان الحيوي؟ وما هي التداعيات المحتملة؟
يقع مضيق هرمز عند نقطة حرجة تربط الخليج العربي بالمحيط الهندي، بعرض لا يتجاوز 21 ميلا بحريا، مع ممرين ملاحيين لا يزيد عرض كل منهما عن ميلين فقط، ما يجعله نقطة اختناق بحرية حساسة.
ويعد مضيق هرمز واحدا من أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم، حيث يمر عبره يوميا ما بين 17 إلى 18 مليون برميل من النفط، أي ما يعادل 20% من الإمدادات العالمية، وتصدر معظم هذه الكميات من دول الخليج نحو آسيا وأوروبا.
وتعتمد السعودية والإمارات والعراق والكويت على المضيق لتصدير قرابة 90% من إنتاجها النفطي.
وتستند إيران في تهديداتها إلى ترسانة عسكرية مرنة تشمل صواريخ مضادة للسفن، وزوارق سريعة، وغواصات صغيرة، وألغاما بحرية. كما تمتلك خبرة في الحرب غير المتكافئة، كما برز خلال "حرب الناقلات" في الثمانينيات.
لكن قدرة إيران على تنفيذ إغلاق كامل للمضيق تبقى محل شك بسبب الوجود الأمريكي في المنطقة، حيث يتمركز الأسطول الخامس في البحرين، وهو قادر على تأمين الملاحة خلال ساعات.
كما أن إيران تعتمد اقتصاديا على المضيق وتصدر أغلب نفطها عبره، ما يعني أن أي إغلاق له يشكل تهديدا لمصالحها الاقتصادية والتجارية. كما أنه يفقدها ورقة الضغط السياسية، ويحفز تحركا دوليا لعزلها، ما يؤدي لانكشافها أمام خصومها في الداخل والخارج، بمن فيهم الحلفاء التجاريون مثل الصين والهند.
لكن العنصر الأهم هو أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى حرب شاملة أو عزلة دولية غير مسبوقة لإيران.
وفي ظل هذه المعطيات فالمرجح أن تعتمد إيران على أساليب "التعطيل غير المباشر" مثل زرع ألغام بحرية، أو مضايقة الناقلات التجارية، أو هجمات بطائرات مسيرة أو صواريخ.
لكن هناك تداعيات محتملة لإغلاق المضيق أو التهديد بذلك تتمثل في ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولارا وأكثر للبرميل، بحسب مراقبين، أكدوا أيضا أن تكاليف التأمين البحري ستقفز، وكل ذلك سيؤدي إلى ارتباك في إمدادات الطاقة للعالم.
وسيؤدي إغلاق مضيق هرمز إلى اعتماد متزايد على خطوط بديلة، مثل "بترولاين" السعودي إلى البحر الأحمر، لكنها محدودة القدرة. وهو خط أنابيب من المنطقة الشرقية في السعودية إلى الغربية، لتجاوز مضيق هرمز في حال الحاجة. لكن قدرته على الضخ لا تتجاوز 2.5 مليون برميل يوميا.
ويعد تصويت البرلمان الإيراني لصالح إغلاق المضيق رسالة سياسية موجهة للخارج، أكثر من كونه نية تنفيذية فورية. والقرار النهائي يبقى بيد المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يأخذ في الحسبان التوازنات الدولية ومصالح إيران الذاتية.
وبينما يرى مراقبون أن تهديد المضيق يمثل "خيارا نوويا اقتصاديا"، إلا أن طهران، على الأرجح، تدرك أن استخدامه لا يناسب المرحلة الحالية، وقد يفقدها تعاطف بعض الحلفاء، ويدفع بالصراع نحو نقطة اللاعودة، لكنها قد تستخدم مضيق هرمز كورقة ضغط استراتيجية، لا كسلاح فعلي حتى اللحظة وأي تعطيل سيبقى محدودا ومرحليا، لتفادي ردود فعل دولية غاضبة.
في المحصلة، مضيق هرمز سيبقى في عين العاصفة، لكن إغلاقه الكامل يظل احتمالا بعيدا في المدى القريب، ما لم يتطور التصعيد بشكل دراماتيكي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.. الحرب الشاملة.