الذكاء الاصطناعي يزاحم البشر.. فنزويلا تفقد مكانتها كمركز للمهارات

الذكاء الاصطناعي يزاحم البشر.. فنزويلا تفقد مكانتها كمركز للمهارات

8d 20h

في جبال كولومبيا، تراقب أوسكارينا فوينتس هاتفها طوال الليل.

ليست بائعة أسهم ولا مسؤولة طوارئ، بل واحدة من آلاف الفنزويليين الذين وجدوا في العمل عن بُعد طوق نجاة، قبل أن تنتزع منهم خوارزميات الذكاء الاصطناعي آخر مصادر دخلهم.

لكن هذا الواقع بدأ يتغير بشكل درامي مع صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي المُولّد، التي باتت قادرة على أداء كثير من المهام التي كانت تُسند سابقًا إلى البشر، بحسب تقرير نشر

تقول فوينتس، وهي مهندسة نفط سابقة تقيم في بلدة كالداس الكولومبية: "في كل عام، تقلّ المهام. أعيش حالة من الترقب... قد تمر أيام أو حتى شهور من دون أن أرى مهمة واحدة".

كانت تكسب قبل عام 2022 نحو 500 دولار شهريًا، لكنها اليوم بالكاد تصل إلى 320 دولارًا، وهو ما يعادل الحد الأدنى للأجور في كولومبيا.

عملت فوينتس على منصة  ايبين  الأسترالية منذ نحو عقد، مُنفذةً مهام تتراوح بين تصنيف الصور وتقييم نتائج البحث.

لكن هذا النوع من العمل بات نادرًا، إذ أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على توليد بياناته بنفسه.

 

فنزويلا.. من مركز للمهارات إلى هامش الخريطة الرقمية

في ذروة الأزمة الاقتصادية عام 2018، اندفع آلاف الفنزويليين المتعلمين نحو العمل الحر على المنصات الرقمية.

شكّلوا نحو 75% من القوى العاملة في شركات تدريب الذكاء الاصطناعي مثل "Mighty AI" و"سكيل ايه اي ".

حتى أن شركة  ريموت اسك  خصّصت برنامجًا لاستقطابهم.

لكن الأمور تغيّرت، شركة  ابين  نفسها، والتي تعتمد على أكثر من مليون عامل مستقل، شهدت انخفاضًا بنسبة 99% في قيمتها السوقية خلال ثلاث سنوات، وتراجعًا بنسبة 14% في إيراداتها خلال عام واحد فقط.

تقول الشركة إن الطلب تراجع بشدة على خدماتها نتيجة تطور الذكاء الاصطناعي المُولّد.

الذكاء الاصطناعي يكتب أيضًا

لم يقتصر التأثير على العاملين في مجال تصنيف البيانات، بل شمل أيضًا كتّاب المحتوى. ماريفيل ألفارادو، وهي خريجة أدب فنزويلية تقيم في ميديلين، كانت تكسب 50 دولارًا مقابل كل ألف كلمة.

اليوم، لا يُعرض عليها سوى 7 دولارات، تقول: "اضطررنا لتغيير طرق عملنا... البعض يستخدم الآن أدوات مثل تشات جي بي تي لتسريع الإنتاج".

لكن هذه الأدوات غير متاحة للجميع؛ ففنزويلا تفرض حظرًا على استخدام بعض برامج الذكاء الاصطناعي ، مما يضع كتّابها في موقف صعب أمام عملاء يتوقعون إنتاجًا أسرع وجودة أعلى.

مستقبل مجهول

مع افتقار العديد من المهاجرين الفنزويليين إلى وثائق الإقامة أو العمل الرسمي، تبقى الوظائف الرقمية أحد الخيارات القليلة المتاحة.

ومع ذلك، فإن البنية التحتية الضعيفة، سواء في فنزويلا أو لدى المغتربين، تعيقهم عن التنافس على المهام الأكثر تطورًا.

يقول أحدهم، بعد أن عاد للعمل في حقل نفطي: "أنا سعيد الآن... تركت الكتابة اليومية بعد خمس سنوات، وأكسب أكثر وأعمل أقل".

أما فوينتس، فلا تزال تترقب تنبيهًا جديدًا على "واتساب"، تخشى اليوم الذي قد لا يأتي فيه شيء على الإطلاق. وتقول: "ذلك سيكون كابوسًا... حقيقيًا".

 

لسنوات، اعتُبرت فنزويلا مصدرًا موثوقًا لعمالة مدرّبة ومنخفضة الكلفة لقطاع التكنولوجيا العالمي، خصوصًا في مجال تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.