تغير المناخ يحول أنهار ألاسكا إلى اللون البرتقالي

تغير المناخ يحول أنهار ألاسكا إلى اللون البرتقالي

2h

مع ذوبان التربة الصقيعية الدائمة في  جبال بروكس بألاسكا نتيجة ا الاحتباس الحراري  العالمي، بدأت سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي تلوث الأسماك وتدمّر النظم البيئية، وأصبحت الأنهار، التي كانت في السابق صافية وصالحة للشرب، برتقالية اللون بسبب المعادن السامة.

وتسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب، في ذوبان طبقة من التربة الصقيعية، وهي تربة قطبية متجمدة بشكل دائم حبست المعادن لآلاف السنين، وبدأت تتحلل بفعل تسرب الماء والأكسجين، ما أدى إلى تحلل الصخور الغنية بالكبريتيدات وتكوّن حمض الكبريتيك، الذي سرب عناصر مثل الحديد والكادميوم والألمنيوم من الصخور إلى مياه الأنهار.

وقال تيم ليونز، عالم الكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا: "هكذا يبدو تصريف المناجم الحمضي، لكن هنا، لا يوجد منجم. التربة الصقيعية تذوب وتُغير التركيب الكيميائي للمناظر الطبيعية".

وعادة ما تحدث مثل هذه التفاعلات الجيوكيميائية في مناطق التعدين، لكن ما يحدث الآن سببه الوحيد هو ذوبان الجليد الدائم بحسب  دراسة جديدة نشرت في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم".

ورغم تركيز الدراسة على ما يعرف بنهر السلمون في المنطقة، يُحذّر الباحثون من أن تحولات مماثلة جارية بالفعل في عشرات من تجمعات ومصادر المياه الأخرى في القطب الشمالي .

ويقول ديفيد كوبر، الباحث العلمي في جامعة ولاية كولورادو والمؤلف المشارك في الدراسة: "لقد عملت وسافرت في سلسلة جبال بروكس منذ عام 1976، وتبدو التغيرات الأخيرة في تضاريس الأرض وكيمياء المياه مذهلة حقا".

وحسب الدراسة، يطلق ذوبان التربة الصقيعية العنان لتفاعلات جيوكيميائية تعمل على أكسدة الصخور الغنية بالكبريتيد مثل البيريت، مما يؤدي إلى توليد الحموضة وتحريك مجموعة واسعة من المعادن، بما في ذلك الكادميوم، الذي يتراكم في أعضاء الأسماك ويمكن أن يؤثر على الحيوانات مثل الدببة والطيور التي تأكل الأسماك.

لا تُعتبر المعادن سامة بالضرورة بكميات صغيرة، لكن الدراسة تظهر أن مستويات المعادن في مياه النهر تتجاوز عتبات السمية التي حددتها وكالة حماية البيئة الأميركية للكائنات المائية. إضافة إلى ذلك، تُقلل المياه المُشبعة بالحديد من كمية الضوء الواصلة إلى قاع النهر، وتخنق يرقات الحشرات التي يتغذى عليها سمك السلمون والأسماك الأخرى.

وفي حين أن تركيزات المعادن الحالية في أنسجة الأسماك الصالحة للأكل لا تُعتبر خطرة على البشر، إلا أن التغيرات في الأنهار تُشكل تهديدات غير مباشرة ولكنها خطيرة.

ويقول ليونز "إنها ليست مجرد قصة نهر السلمون، بل تحدث في جميع أنحاء القطب الشمالي، فأينما وُجدت الصخور المناسبة وذوبان التربة الصقيعية، يمكن أن تبدأ هذه العملية".

وبخلاف مواقع المناجم، حيث يُمكن التخفيف من آثار تصريف الأحماض باستخدام حواجز أو أنظمة احتواء، قد تحتوي هذه المصادر المائية النائية على مئات من مصادر التلوث، دون وجود بنية تحتية  لتصريفها أو الحد منها.

ويشير تيم ليونز إلى أنه "لا سبيل لإصلاح هذا الوضع بمجرد بدء حدوثه. إنه تحول آخر لا رجعة فيه، مدفوع بارتفاع درجة حرارة الكوكب، فبمجرد أن تبدأ التفاعلات، لا يوقفها شيء سوى عودة التربة إلى تجمدها".

ويؤكد أنه قلما توجد أماكن على وجه الأرض لم تتأثر بالتغيرات المناخية مثل هذه الأنهار، ولكن حتى في هذه المنطقة، بعيدا عن المدن والطرق السريعة، لا يخلو الأمر من آثار الاحتباس الحراري، الذي لم يَنج أي مكان على وجه الأرض من آثاره.

من جهته، يقول سكوت زولكوس، العالم المتخصص في القطب الشمالي بمركز وودويل لأبحاث المناخ في المملكة المتحدة: "إنها منطقة ترتفع فيها درجة الحرارة بمعدل أسرع بمرتين أو 3 مرات على الأقل من بقية الكوكب، لذا يمكننا توقع استمرار هذه التأثيرات".